الاثنين، 1 ديسمبر 2008

الضلع الأعوج ! !


هى.. ترنحت كثيرًا قبل أن تسقط على الأرض.. لم تسقط لكنها جلست.. سقطة ثم جلسة على الأرض.. لم تمهل نفسها وقتًا للتفكير.. أنه التغير أم الكذب.. والأصعب.. النهايات.. أن ينتهى كل شئ.. افترضنا له الدوام.. أو توهمنا له الدوام.

- إيه مالك ؟؟

- نتيجة الكلية ظهرت.. أنا اترفضت فى كلية الطيران.. النتيجة ظهرت الصبح.

- يا دى الحظ.. ليه؟؟

- عندى ضلع من ضلوعى ناقص 2ملليمتر.. تخيلى.

- معقول؟؟

- هما قاللولى كده.. مش حرام عشان 2مللى ناقصين فى ضلع يرفضوا يدخلونى الطيران؟؟ حلم حياتى!!

- ماتزعلش.. أنا السبب.. انا كنت عارفة.

- ليه كده.. إنت السبب فى إيه.. دى خلقة ربنا.. أنا كده!!

- أصل أنا اللى خدت منك الـ2مللى دول.. حقك علىّ.

- إنت بتقولى كده ليه ازاى !!.. ارجوكى انا مش فايق للتهريج.. الدنيا ضلمة اوى عندى.

- استنى .. هو ربنا خلق حواء من إيه؟؟

- من ضلع آدم.

- بالضبط.. أهو انا بأه الـ2مللى اللى ناقصين من ضلعك دول.. ربنا خدهم منك.. عشان يحرمك من الطيران.. بس عشان يديك اللى أحسن من كل الطيارات.. أنا!!

- يا سلام.. بس خلى بالك ده كان ضلع اعوج.

هى.. لم استطع أن أتخيل كيف تحول من الحزن البشع الى الفرحة اليائسة عندما حاولت التخفيف عنه.. لكنى أبديت غضبى وهمى و زعلى.. عندما ذكر لى أنى خلقت من ضلع أعوج لكنه ما لبث ان حاول ان يهدهدنى بكلمات صغيرة.. فداعبنى بصوت متفكر وأخبرنى أن الله قد خلق حواء من ضلع آدم الأعوج.. نعم.. لكنه قصد الضلع الأعوج.. لحكمته.. فالله خلقها من هذا الضلع ليصلح من اعوجاجه ويصلحه ويجعله مستقيماً ككل الأضلاع.. ويصلح معه حياته العرجاء الكئيبة الوحيدة المعوجة.. ويجعلها حياة مستقيمة.. خالية من الاعوجاج.. يا حوائى.. العزيزة.

- كانت لنا أيام.. لا.. بل كان لنا مشاعر.. لا.. بل كانت لنا أرواح.. عزيزة علينا.. لم أتأكد أن كل الأشياء تساوت إلا بعد أن تحولت الذكرى الجميلة أو هكذا توهمت إلى شئ سخيف.. لم أكن أعلم أنى لا أعرفه.

- على فكرة.. على جثتى إن فيه حاجة من اللى بتقوللى عليه تحصل.

- على جثتك على جثتى.. أنا هتصرف بالحق اللى يقولهولى عقلى.

- حق.. حق إيه؟!.. إيه العوجان ده.. فعلا كان ضلع أعوج.

- ممكن تسكت؟؟

- أسكت؟؟ أسكت ليه ؟؟ كان فعلاً ضلع أعوج ومنيل وضارب فى قلبى.

- ممكن تسكت؟؟

- تانى.. على فكرة.. ربنا خلقك مش من ضلع أعوج وبس.. ده ناقص كمان.. ولا مش فاكرة؟؟

- لم أشعر إلا ويدى تتعرق على سماعة الهاتف وأذنى ترتفع درجة حرارتها فأبعد السماعة عنها.. وقلبى يخفق بشدة.. وسمعته من بعيد يردد اسمى مرات متتالية فى الهاتف.. وضعت السماعة.. وبدأت أفكر.

- لم تمضى لحظات على بعد أن وضعت السماعة.. حتى مرت دقيقتين خشنتين.. كأنهما أحجار ثقيلة.. رفعت السماعة.. لم أقل أية كلمة.

- أيوة إنتى رحتى فين ؟؟.. بتقفلى السماعة فى وشى؟؟

- لأ!!

- أمال إيه؟؟

- انت تقصد الكلام اللى انت قلته ده.. فعلاً؟؟

- ما تحاوليش تغيرى الموضوع.. عشان حاجة تافهة.. زى دى.. وأرجوكى يعنى ماتفكرينيش.

- تافهة.. لما هو تافه بتقوله ليه؟؟

- عشان متزعليش.. وبذمتك كده فى واحد يقول لواحدة مصيبة ويقولها حلم حياته اتدمر ترد عليه.. باستظراف.. تقوله ضلع.. ومش عارف إيه؟؟ وأنا الحتة الناقصة.. ايه ده؟؟ مفيش دم؟؟

حقيقة.. لم أتخيل نى لا أعرفه.. الأسوأ من الأسوأ.. الكذب.. إذن لماذا أوهمنى أنه سعيد؟؟ لقد كانت فرحة يائسة.. فعلاً..لا بل كانت كذبة بالية.. يقاومنى شعور بالرضوخ والتحول والتباعد.. أنه مثل خيال صغير على بعد المدى لا أكاد أن أراه.

- شوفى.. إنتى مابتقدريش أى حاجة!!

توالت كلمات مثل هذه العبارة وبنفس الإيقاع.. لم استطع أن اتحمله.. أغلقت التليفون.. ونزعت السلك.. وترنحت كثيراً قبل أن أسقط على الأرض.

هناك 3 تعليقات:

JuSt_hUmAn يقول...

مبروك يا نادر على البلوج، وإن شاء الله المرة دي يحتويك.
والقصة عجبتني قوي وخصوصًا النهاية.

Ahmed83 يقول...

صديقى العزيز...اعتقد انك محتاج فى هذة المرحلة لتجربة التدوين وانا واثق انها ستحتويك انشاء الله ، اما بخصوص "الضلع الاعوج" :

1- كل كتاباتك التى على هيئة حوارات بين"هى وهو" او العكس ، تشى بقدرة عجيبة على الاحساس بمشاعر الجنس الاخر وقدرة عميقة على ترجمة أندر وأدق المشاعر الرجولية التى قد نشعر بها نحن الرجال بصفة يومية بس كل ساعة أحيانا.

2- كل الكتابات بها خفة ظل كامنه ، قد يظهرها حسمك للغة الكتابة.اما العربية الفصحى او العامية البسيطة يا صديقى

الى الامام دوما

Nader Essa يقول...

شكرا .. يا عمرو أوى على تعليقك .. انت واحد من الشخصيات اللى بتقابلهم فى الحياة ويسيبو جواك حاجة.

أحمد .. تعليلقك يفرح .. وربنا يخليك ويخلى صداقتنا