الأحد، 22 فبراير 2009

الآنسة طفلة


تقف على حافة الرصيف .. وتشب لتصل إلى كتفى لتقول أنها أطول منى كثيراً .. أرد وكلى سعادة .. لا أنا أطول منك كثيراً .. تحزن .. فلا أدرى كيف أسعدها وأمسح هذا الحزن عنها .. أعود لأربت على كتفها الصغير .. لا أنت أطول منى .. انظرى .. وأنزل بقامتى لأكون أقصر منها .. وأصل أنا حتى كتفها .. تنتشى وتفرح .. وتقول في سعادة أنا أطول منك .
إحساس الأبوة لا يضاهيه إحساس في العالم .. خاصة إلى محبوبتك .. تضمها دون عناق .. تقبلها بعينيك الحانيتين .. تلعب إلى جوارك .. تلهو .. تذهب لتصنع شيئاً .. لا تدرى ماذا تصنع ؟ .. أهى كارثة جديدة أم حلوى أخرى .. لتجئ إليك حاملة ما صنعت وتقول .. ما رأيك ؟ .. تنظر إليك في سؤال يحيرها .. هل أعجبته ؟ .. وأمنية تنتظر الثبوت أن تقول الله كيف صنعت هذا ؟ .. صغيرتى .
تحمل روح شغوفة .. مستطلعة .. كأنها لم ترى الحياة من قبل .. كأنها تكتشف كل شئ من جديد .. أخاف عليها من كل ما لا تعلم .. وما لا أعلم .. كالطفل عندما يمسك بأى قطعة حديدية يريد أن يدخلها في الكهرباء .. أفزع .. أجن .. أغضب .. تبكى .. أسامحها .. لكنها تعاود الكرة مراراً ..
تحزن فتزم شفتاها في رقة .. تضمها دون أن تدرى ؟؟ كالطبيعة .. السحب تعلن عن قدوم المطر .. والشفتان المضموتان تعلنان عن زعل دفين .. أما العينان البراقتان فهما عنوان كبير .. بأضواء الفلورسنت .. لفرح يطير كعصفور في قلبها .. تنادينى دموعها .. كثيراً .. كأنها عثرت في طريقها .. وتريد منى أن أخذها إلى أقرب صنبور لأمسح لها كفها الصغير الذى اتسخ من تراب الأرض .. وأمسح دمعها الدافئ الذى حفر أخدوداً رقيقاً على خدها الوردى .. يمزق قلبى هذا الأخدود .. كشفرة الموسى على جدار قلبى .. أبكى لبكائها .. أريد أن أخطفها .. وأعطيها الشمس والقمر .. وكل النجوم .. وأغلى ما في هذا الكون .. كى يغيض هذا النبع الدافق من الدموع الساخنة .. لكنها تكتفى بزهرة تشبهها ..
تلك الزهرة الصغيرة الجميلة التى تذكرنى بها .. وضعتها في شالها الشتوى .. الذى يتحدث معى .. بعبيره الآسر .. انتشت وفرحت .. وقالت العالم كله بعينيك حبيبى .. فوجدت الأرض تصغر تحت قدمى .. وكأنى انا وهى نقف على قمة الكرة الأرضية .. قلت لها : الأرض فخورة حبيبتى أنك تمشين عليها وتدبين بأقدامك الصغيرة .. تتبختر وتباهى الكواكب والمجرات كلها وتقول هل لديكم ملكة صغيرة مثلك ..
أتابعها وهى تلهو بين الأشخاص تنثر من شخصيتها عليهم .. أتابع نظراتهم وتعليقاتهم .. هل فيهم من سيغضبها ؟ .. هل فيهم من سيعجب بها ؟ .. كلاهما عدوى .. سأقطعه .. وأمزقه .. تتركهم وتأتى إلىّ .. تنظر إلى الأرض في مشيتها .. سارحة .. تتهادى كأنها إيقاع ساحر في سيمفونية .. دوم .. دوم دوم .. دوم .. تميل اليمنى واليسرى .. ترسو على أمواج أقدامى .. تضربها في عنف .. وتقول افعل شيئاً .. أفكر .. أفكر .. تضرب بقدمها الصغيرة قدمى .. وتكرر السؤال .. افعل شيئاً .. أفكر .. أفكر .. أفكر .. استغرق في تفكيرى كثيراً .. حتى أغيب عن الوعى .. أغيب في ظلام دامس .. تأخذنى في هذا الجب المظلم .. احلام .. لا أوهام كبيرة .. أتخيل عالم من صنع خيالى وحدى .. وهى تضرب قدمى .. تسألنى .. أين أنت ؟ .. أقول في أحلامى .. ترد في حزن .. لا بل أوهامك .. أغضب وأسأل .. ماذا بك يا طفلتى ؟؟ .. تصمت وتدمع تقول في حسرة .. طفلتك هرمت .. وشاخت ..

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

...جميلة ورقيقة اوى يا نادر
it was toutched my heart
واجمب ما فيها جملة "الأرض فخورة حبيبتى أنك تمشين عليها وتدبين بأقدامك الصغيرة .. تتبختر وتباهى الكواكب والمجرات كلها وتقول هل لديكم ملكة صغيرة مثلك .."
بجد انت بتعرف تجيب من جوه وتكتبه كويس..

Nader Essa يقول...

شكرا .. شكراً .. شكراً .. يا سارة
ربنا يخليكى

غير معرف يقول...

قدرة غريبة على الامساك بتفاصيل الجمل بالعربية الفصحى..بجد ما شاء الله ، نفس الجملة اللى بتقول عليها سارة هزتنى اوووى والموضوع كله حاسس انى شايفه قدامى كأنه شريط سينما...تفبل نحياتى

احمد ابراهيم

Nader Essa يقول...

اشكرك .. يا احمد
بستنى تعليقاتك ..
متبقاش تتاخر
ربنا يكرمك
نادر

JuSt_hUmAn يقول...

جامدة يا نادر
(f)