الأحد، 8 مارس 2009

ورقة من دفتر .. فاشل


"فقد علمتنى جميع التجارب أن أبقى بعيداً كى اتمكن من تنفس الهواء كما يفعل البشر، لكن الآن لا يوجد لدى أى من الأسباب كى أستمر فى تلك العملية المسماة التنفس لا أرغب بعد الآن فى الاستمرار أريد أن أموت .. وأين هى ؟ ".

وجدت هذه الكلمات فى ورقة من دفترمتروكه على المنضدة ، وبجوارها بعض الكلمات التى إذا ما جمعتها فى جملة واحدة لن تعطى أى معنى .. آلة الزمن .. يا رب .. اللعنة .. بحبك .. je suis desole.. ما هذا .. متى كتب هذه الجملة ؟ وحولها هذه الكلمات المتقاطعة مع بعضها .. من دون أن تعطى معناً واحداً .. أكيد ليس واحداً من كتب هذه الكلمات .. لكن الخط .. هو نفس الخط .. مهزوز .. ولا يسير على اتجاه واحد ..

دخلا على القاعة أثناء شرودى فى هذه الورقة التى أربكنى ما تحتويه .. ظلا يبحثا حولى  و ورائى .. سألته عما يبحث ؟؟ .. أجباته أنها كانت هنا ؟ .. ولربما سقطت هنا .. سكتت ثانية وقالت .. ما هى تلك التى سقطت ؟؟ .. اجابها دون أن ينظر لها .. ورقة مهمة وكررها أكثر من مرة ..

تنبهت ووضعت الورقة داخل أحد الكتب .. وابتعدت عنهما كى أراهما بوضوح اكثر .. وأراقبهما .. جلس هو بعد أن مل من البحث وعرف أن مصيرها القمامة او مع أى أحد .. جلست هى إلى أمامه على ركبتيها .. قالت له : ريحنى .. ورقة ايه المهمة دى ؟ .. لم ينظر لها وقال : مفيش .. خلاص مفيش .. ارتاحت على مقعد بجواره .. ازاى مفيش وبقالك ساعة بدور عليها .. وانتفضت لما عرفت انها ضاعت .. مش معقولة .. انا مش قادرة استحمل الحاجات الغريبة اللى انت بتعملها اليومين دول ..

قلتلك مفيش .. صرخ فيها ونظر نظرة بها معنى الأسى القاسى .. الذى يضرب قلوب الرجال العائدين من معركة خاسرة حاملين أشلاء أصدقاءهم الأعزاء .. دامت ثوانى الصمت بعدها ثقيلة على كلاهما وأنا أرقبهما .. اقترب منها .. وصارحها : كانوا كلمتين انا كنت كاتبهم بينى وبين نفسى ومش عايز حد يشوفهم .. ولا حد يعرف بيهم حاجة .. نظرت له فى تحدِ ولا أنا ؟ .. رد : ولا أنت .. وقفت أمامه وعقدت ذراعاها على صدرها .. إذن الآن يجب أن أعرف .. قال لها : كان من الممكن ان أقول لك أى شئ آخر غيرحقيقة تلك الورقة .. ردت فى تحدِ أكبر .. إذن فأنت كاذب .. أو خائن .. وقف هو الآخر .. تعلمين جيداً أنى لا أكذب .. بالرغم من كل ما تقوليه عن كذبى .. فأنا لا أكذب .. اقتربت منهما أكثر .. لاحظا اقترابى فابتعدا قليلاً .. قالت له : إذن قل لى ما بتلك الورقة ؟ .. لماذا لا تريدنى قريبة منك .. لماذا تريدنى بعيدة عنك بيننا حائط من الأسرار .. قال : لا أسرار بيننا .. لا أسرار ..

اقتربت انا من ورائهما .. سمعته يحكى لها فى تؤده كمن يختار كل حرف .. وينتقيه كى يعرف إلى أين يذهب تماماً .. " لقد تعبت .. تعبت حبيبتى .. لا أستطيع أن أكون فارسك .. حتى ذهب عنى هذا الاحساس وأخذ معه كل ما أملك من طموحات واحلام لى معك .. كنت أفضفض على الورق ..  لا أعرف ولا أحفظ ما كتبت لكنى اتذكر .. أنى كتبت .. الموت "

جزعت .. ووضعت يدها على فمها الذى فتحته مع آهه خرجت من صدرها .. لماذا ؟ .. لمعت عينيه بالدمع .. وقال لا أعرف لكنى احسست بها كتبتها .. أردت بشدة من داخلى أن يتذكر الخمس كلمات الأهم لى .. هل أدخل فأعطيه الورقة .. فتقرأها .. فيفسر .. أم أنتظر ..

ظلا صامتين .. تسأله بين الحين والآخر .. هل أنا أخطأت فى اى شئ ؟ صارحنى ؟ .. يجاوبها بكل ثقة بعد أن يقسم .. لا .. لا .. أنت لا ذنب لكى .. طال انتظارى .. فقمت من مكانى .. خطوت نحوهما .. أمسكت الورقة .. وسألته .. حضرتك كنت بتدور على ورقة ضايعة ؟؟ .. أجابنى نعم .. وضعتها امام وجهها .. فألتقطتها من يدى .. عدت لمكانى لأشاهد باقى فصول المسرحية .. أخذت تقرأ الكلمات فى تمهل .. لم تعر الجملة أى اهتمام .. وانتبهت للكلمات المتفرقة بحس الأنثى مثلى التى تعلم أين يكمن الخطر ؟ .. فكل تلك الكلمات لا معنى لها .. حتى الدعاء .. دعاء خاوِ .. اتكالى .. لا رغبة فيه .. فمستحيل أن تاتى كلمة يا رب تلحقها اللعنة .. والأعجب أن تكون بعدهما بحبك .. وفى البداية آلة الزمن .. لقد كانت جملة لكنها بترت وخرجت منه فى شكل تهتهة طفولية .. اتوقع ان يفسر جهاز فك الشفرات لديها تلك الكلمات وتمزق الورقة وتلقى بها فى وجهه .. لكنها للأسف سألته فى بلاهة .. ماذا تقصد بتلك الكلمات .. حاول أن يهرب .. واجاب : مجرد  مشاعر .. قالت : لا أقصد الجملة.. فالجملة نكتبها جميعاً .. .. لكن ما تلك الكلمات الغريبة .. لم يحاول هذه المرة المقاومة فقد تغيرت الملامح المتسائلة .. إلى غاضبة مستنكرة آنفة .. قال لها : دعينا بالأول نرتبهم .. قالت : الأولى .. رد : يا رب .. سألته : وبماذا دعوت الله ؟ رد ..أن نكون سوياً .. نظرت له فى غرابة .. وقالت : والثانية ؟ .. رد آلة الزمن .. وجدت أن الحل الوحيد لنكون معاً هو وجود آلة للزمن تأخذنا معاً لأى زمن آخر كى نعيش به .. أنا وأنت فقط .. ما لبثت ان تسأله عن الكلمة الثالثة .. حتى قال .. دعينى أكمل .. فقلت لنفسى اللعنة إذا كان هذا هو الحل الوحيد وهو مستحيل .. لكنى أحبك .. وهى الكلمة الرابعة .. الطريق مسدود .. أشارت له بالتوقف .. أما الخامسة .. أشارت له بالتوقف بحسم أكثر .. قاطعته .. أنا التى أعتذر .. أنا التى تتأسف .. أنا آسفة .. كتبها بالفرنسية لأنه يرفض المواجهة .. أبعد طريق يمكن أن يرى منه الحقيقة .. أخذتها فى يدى ورحلنا .. بكت .. قلت لها : لا يستحق .. حركت رأسها إيجاباً وقالت : أعلم .. 

ليست هناك تعليقات: